بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد و آل محمد و عجل فرجهم
جبرئيل في خدمة علي عليه السلام :
عن أنس بن مالك , قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لأبي بكر و عمر : امضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان منه في ليلته , و أنا على أثركما .
قال أنس : فمضيا و مضيت معهما فاستأذنا على علي عليه السلام فخرج إلينا , و قال : أحدث شيء ؟ قلنا : لا , بل قال لنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته , و جاء النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال : يا علي حدثهما ما كان منك في ليلتك . فقال : إني لاستحيي يا رسول الله . فقال : حدثهما فإن الله لا يستحيي من الحق .
فقال علي : إني البارحة أردت الماء للطهارة , و قد أصبحت و خفت أن تفوتني الصلاة , فوجهت الحسن في طريق و الحسين في طريق في طلب الماء , فأبطآ عليَّ فأحزنني ذلك , فبينما أنا كذلك فإذا السقف قد انشق و نزل عليَّ منه سطل مغطى بمنديل , فلما صار في الأرض نحيت المنديل عنه و إذا فيه ماء فتطهرت للصلاة , و اغتسلت بباقيه و صليت , ثم ارتفع السطل و المنديل و التأم السقف .
فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم لعلي و لهما : أما السطل فمن الجنة و الماء فمن نهر الكوثر , و المنديل فمن استبرق الجنة , من مثلك يا علي !؟ و جبرئيل في ليلتك يخدمك . (1)
_________________________________________
(1) مدينة المعاجز 1 : 161 .
أتيتك و العذارى تبكى برنّة :
عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : كنّا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم , إذ ورد علينا أعرابي أشعث الحال , عليه ثياب رثّة , الفقر ظاهر بين عينيه و معه عياله (2) , فلمّا دخل المسجد سلّم على النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و أنشد يقول :
أتــــيتك و العــذارى تبكى برنّة و قد ذهلت أُم الصبي عن الطفل
و أُخت و بــــــنتان و أُمّ كــــــبيرة و قد كدت من فقري أُخالط في عقل
و قد مسّني ضرّ و عري و فاقة و ليس لنـــا مـــال يـــمرّ ولا يحل
و لســـــنا نـــرى إلّاـ إليك مفرّنا و أين مفرّ الناس إلّاـ إلى الرسل
قال : لما سمع النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم كلامه بكى بكاءً شديدًا ثمّ قال لأصحابه : معاشر الناس إنّ الله ساق إليكم ثوابًا , و قاد إليكم أجرًا , و الجزاء من الله غرف في الجنّة تضاهي غرف إبراهيم الخليل عليه السلام , من منكم يواسي هذا الفقير ؟
قال : لم يجبه أحد , و كان في ناحية المسجد علي بن أبي طالب عليه السلام يصلّي ركعات تطوّعًا , و كان قائمًا , فأومأ بيده إلى الإعرابي فدنا منه , فدفع الخاتم من يده إليه و هو في صلاته , فأخذه الأعرابي و انصرف و هو يقول هذه الأبيات :
أنت مولى ترتجي من الله في الدنـــيا إقـــــامة الديــــــن
خـــمسة هـــم فــي الأنام جمعًا لأنهم في الورى ميامين
ثم إن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم غشيه الوحي , إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام و نادى : السلام عليك يا محمد , ربّك يقرئك السلام و يقول لك إقرأ : ( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون * و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) . فعند ذلك قام النبي قائمًا و قال : معاشر المسلمين , أيّكم اليوم عمل خيرًا حتى جعله الله ولي كلّ مؤمن و مؤمنة ؟ قالوا : يا رسول الله ما فينا من عمل اليوم خيرًا سوى ابن عمّك علي بن أبي طالب عليه السلام , فإنّه تصدّق على الأعرابي بخاتمه و هو في صلاته . فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم : و جبت الولاية لابن عمّي علي بن أبي طالب عليه السلام , ثم قرأ عليهم الآية . قال : فتصدّق الناس على الأعرابي ذلك اليوم بخمسمائة خاتم , فأخذها الأعرابي و ولّى و هو يقول :
أنا مولــــــى الخمــــسـة نزلت فيهم الــــســـــــور
أهل طـــــه و هل أتــــــى فاقرأوا و اعرفوا الخبر
أنا مولى لهؤلاء الخمسة و عـــدوّ لــــمـــن كفـــر (3)
__________________________________________
(2) ليس في "د"
(3) بحار الأنوار 3 : 192 ح 14 .
طير الجنّة :
عن علي عليه السلام قال : كنت أنا و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في المسجد بعد أن صلّى الفجر , ثم نهض و نهضت معه , و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا أراد أن يتجه إلى موضع أعلمني بذلك , و كان إذا أبطأ في ذلك الموضع صرت إليه لأعرف خبره , لأنه لا يتصابر قلبي على فراقه ساعة واحدة فقال لي : أنا متجه إلى بيت عائشة , فمضى صلى الله عليه و آله و سلم و مضيت إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السلام فلم أزل مع الحسن و الحسين فأنا و هي مسروران بهما , ثم إني نهضت و سرت إلى باب عائشة , فطرقت الباب فقالت : من هذا ؟ فقلت لها : أنا علي فقالت : أن النبي راقد , فانصرفت , ثم قلت : النبي راقد و عائشة في الدار , فرجعت و طرقت الباب فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقلت لها : أنا علي فقالت : إن النبي على حاجة فانثنيت مستحييًا من دق الباب , و وجدت في صدري ما لا أستطيع عليه صبرًا , فرجعت مسرعًا فدققت الباب دقًّا عنيفًا , فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقلت : أنا علي فسمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول : يا عائشة افتحي له الباب , ففتحت و دخلت , فقال لي : اقعد يا أبا الحسن أحدثك بما أنا فيه , أو تحدثني بابطاءك عني , فقلت : يا رسول الله حدثني فإن حديثك أحسن , فقال : يا أبا الحسن كنت في أمر كتمته من ألم الجوع , فلما دخلت بيت عائشة , و أطلت القعود ليس عندها شيء تأتي به , فمددت يدي و سألت الله القريب المجيب , فهبط عليَّ حبيبي جبرئيل عليه السلام و معه هذا الطير و وضع إصبعه على طائر بين يديه , فقال : إن الله عزّ و جل أوحى إلي : أن آخذ هذا الطير و هو أطيب طعام في الجنة فآتيك به يا محمد , فحمدت الله عزّ و جل كثيرًا , و عرج جبرئيل فرفعت يدي إلى السماء فقلت : اللهمَّ يسر عبدًا يحبك و يحبني يأكل معي من هذا الطير , فمكثت مليًا فلم أر أحدًا يطرق الباب , فرفعت يدي ثم قلت : " اللهمَّ يسّر عبدًا يحبّك و يحبّني و تحبّه و أحبّه يأكل معي هذا الطير " فسمعت طرق الباب و ارتفاع صوتك , فقلت لعائشة : أدخلي عليًا فدخلت , فلم أزل حامدًا الله حتى بلغت إليَّ إذ كنت تحب الله و تحبني و يحبك الله و أحبك , فكل يا علي .
فلما أكلت أنا و النبي الطائر , قال لي : يا علي حدثني فقلت : يا رسول الله لم أزل منذ فارقتك أنا و فاطمة و الحسن و الحسين مسرورين جميعًا , ثم نهضت أريدك فجئت فطرقت الباب فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقلت : أنا علي فقالت : إن النبي راقد , فانصرفت , فلما أن صرت إلى بعض الطريق الذي سلكته رجعت , فقلت النبي راقد و عائشة في الدار لا يكون هذا , فجئت فطرقت الباب فقالت لي : من هذا ؟ فقلت لها : أنا علي فقالت : إن النبي على حاجة فانصرفت مستحييًا , فلما انتهيت إلى الموضع الذي رجعت منه أول مرة , وجدت في قلبي ما لا أستطيع عليه صبرًا و قلت : النبي صلى الله عليه و آله و سلم على حاجة و عائشة في الدار , فرجعت فدققت الباب الدق الذي سمعته , فسمعتك يا رسول الله و أنت تقول لها : أدخلي عليًا , فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم : أبى الله ألا يكون الأمر هكذا , يا حميراء ما حملك على هذا ؟ قالت : يا رسول الله اشتهيت أن يكون أبي يأكل من هذا الطير . (4)
______________________________________________
(4) الاحتجاج 1 : 292 .
ما كُتِب نقلته لكم من كتاب (1001) ألف قصة و قصة من حياة الإمام علي (ع) لمحمد رضا رمزيتحياتي ..